Tuesday, March 18, 2014

العين المصرية و فساد البصيرة


في متاهة طويلة الامد يبحث فيها المصريون عن هويتهم الضائعة و حالة من التخبط الامحدود بين العولمة و الذاتية 
كان هناك صامتاً يتأمل دون صوت او غناء او تمايل على ايقاع صاخب .. 
بإصرار لا تزعزعه ريح رغم انفه التى كسرها المحتلون 
أبو الهول اعظم نحت في التاريخ ..

هكذا اعتدنا نحن المصريون ان نوثق حضارتنا القديمة و نحفظها من كوارث الطامعين
تلك الحضارة التى حفظت في اللغة التى ما زالت تحيا مفرادتها في عامية تتطور يومياً !
ليست مصادفة على الاطلاق ان يكون الرسم هو مفردات اصول هذه اللغة
فترتبط الصورة بالصوت للابد بل و يظل قابلاً للتمدد و الاضافة 
ليست مصادفة علي الاطلاق ان يحفظ العلم علي جدران اقدم حضارة معمارية يسجلها 
التاريخ
دائما ما سبقت الفنون العلوم فهو هبة ( الاستبصار و الاتصال مع جوهر الاشياء في
, ( نفس الآن
و العين و الأذن بابان الي الفؤاد فإن فسد مدخلهما مال القلب لاستحسان القبيح فيعتاده و لا ينكره 
 فيفقد تدريجياً ذاكرة الجمال الفطرية التى حملها من منشئة الاول ... الجنة 
و بفساد ذاكرة الجمال تفسد المعايير جميعاً فنفقد القدرة على تشيين القبيح من الفعل او القول 
و نفقد الضمير الحاكم فتختلط مفردات القبح و الجمال حتى ننحدر لتبنى نظريات تخليقية 
 عن جماليات القبح 
فنقره واقعاً !
 ككومة من المخلفات تظهر فجأة علي قارعة الطريق ثم تتزايد  تدريجياً
 تثير اشمئزازاً يقل عكسياً مع تزايد  كم القذارة 
حتى يصبح المرور من خلال القذارة آلية يومية لا تحرك امتعاض !!

الكارثة الأم هي ما حدث للمصريين لفصلهم عن اصول اللغة التى هى في
 الاصل تشكيلية
 فتصبح الفنون البصرية رفاهية 
و اللغة البصرية لغة ميتة لا تكتب و لا تقرأ عند عامة الشعب لا يتعدى استخدامها الفعلي الميديا و المطبوعات
فينفصل التشكيليون عن المجتمع المصري و يتكومون في مجتمعات مغلقة يتعامل معهم كمجاذيب 
مسفهين الآراء
يجترون اضطراباتهم النفسية التى احدثتها العزلة المجتمعية 
لا تتعدى صلاحياتهم العقلية ان يوصفوا بالمجانين !
و تمنح القدوة في الفنون و معايير الجمال الي طبقات بذيئة من العاهرات و القوادين 
تتوج السفة و الدونية و القيم الجمالية السيليكونية تاج للنجومية .. فيتبعهم القطيع
.فنضيف الى فساد الذوق فساد السلوك

دائماً ما كانت الصورة الثابتة او المتحركة هي صاحبة التأثير الاكبر علي الانسان 
لا عجب وأن العين تلك الجزئية الانسانية هي الاجمل علي الاطلاق في الكائن البشري 
و الأقوى تأثيراً و هي معيار الجمال الأول , و صاحبة الانطباع الاول او لاسميها القراءة الأولى
 و هى مرآة الروح و هي بالمصادفة ..
 ايضاً غير قابلة .. للمس !!

و هنا اجدني اقفز لمقارنة بسيطة انهيها و اعود :بين الانسان و البشري
البشري بإحتياجاته المادية كالأكل و الشرب و الجنس 
و الانسان بإحتياجاته الروحية كالحب و العلم و الفن و الترقي
و تتدخل العلوم الوضعية لتطوير حلول للاحتياجات المادية 
هي في نفس الوقت تسويق لفكر استهلاكي بحت بإدعاء خدمة البشرية !
  و يتطاول الهادمون بمعاولهم لتشوية مصادر الطاقة الانسانية كتشوية الدين كفكرة على  ,سبيل المثال
و القضاء على طاقة التفرد الابداعي بالتدخل في تفاصيل الحياة اليومية 
لفرض جماليات بديلة مستوردة في المأكل و المسكن و الملبس و التلاعب بها اقتصادياً تحت مسمى الموضة !!
فنسكن بيوتاً على الطراز الفرنسي و نستهلك بضاعات صينية بينما نرتدي الجينز الامريكي المقطع في نفس ذات الوقت !
و يتحول الشعر المصري حالك السواد الى رؤس شقراء بقدرة قادر 
و العيون العسلية المصرية الفاتنة الى عدسات خضراء و زرقاء مرعبة !
او تتحول رأس الفتاة المصرية الى سبعة طبقات و أستك من الأقمشة الفوسفورية اللامعة 
و لا نستنكر !
لا اتحدث الآن عن قيم اخلاقية او دينية قد تختلف من طبقة لآخرى فما يهمنى القيم الجمالية 
و الذوق العام .

نعود مرة اخرى للصورة:
كانت السينما المصرية حتى اواخر الستينات هى القوى الناعمة للدولة المصرية و كان المثال المصري هو النموذج .
التقطت امريكا نفس السلاح المؤثر فصنعت هوليوود النموذج الجديد للوهم الامريكي و
 الصورة الذهنية التى ترغب فى تصديرها للعالم فما زلت اقول ان أمريكا هي دولة الإيهام الاولى 

بما انى مشعوذة و مجنونة و لا استحي من هذا ..
فأنا اري ان الطريق الى استعادة الهوية المصرية لابد ان يبدأ من الاتساق مع اللغة الأم ,
((التشكيل))
, و ان نتذكر اننا حضارة بصرية في الاساس قامت على العمارة و النحت و الرسم 
وثقت بالصورة فصنعت آداب ثم علوم لأن الفكر وقود العلم و الصورة وقود الخيال الذي يصنع الفكر 
و الفن , الفكر , العلم ) هو سلم الترقي في الحضارات الانسانية من ملكه ملك العالم و
 التاريخ المصري القديم أجل دليل علي ذلك

اللغة البصرية للقراءة و ليست للفرجة فمتى نتعلم جميعاً أن نقرأ بأعيينا مرة أخرى ؟

مازلنا نبحث عن مفتاح السر و نحن شعب لغته الاصلية ... رسم !!

7 comments:

  1. بما انى مشعوذة و مجنونة و لا استحي من هذا ..
    فأنا اري ان الطريق الى استعادة الهوية المصرية لابد ان يبدأ من الاتساق مع اللغة الأم

    ما هذا بكلام مشعوذة صديقتي
    ان هو الا الحق و الحقيقة

    ReplyDelete
  2. الله يفتح على اللى كتب.. فعلا مجتمع بلا موهبة فنية أو ادبية هو مجتمع بلا هوية حقيقية..

    ReplyDelete
  3. هنالك من يدمر الجمال وهنالك من يصنعه....في سنين اقامتي في مصر ورغم كل مر على هذا االبلد من تشويه لم أستطع أن أرى سوى الجمال فيها بعيني صانعيه , سعدت بزيارتك هنا يا صانعة الحمال....فدوى

    ReplyDelete
  4. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  5. http://settohom.wordpress.com/2014/03/21/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D9%86/

    ReplyDelete
    Replies
    1. في البدء كانت العين

      في البدء كانت الكلمة
      و الكلمة القديمة رسم على جدار كهف و كف ترجم ما رأته العين. في البدء كانت العين و النظر و البصر و تتبعهم البصيرة. ومن خلال العين تدخل الصورة و الكلمة فيتكون فكر. و عين حورس المقدسة تجريد للعين الثالثة وهي غدة تقع في وسط الدماغ البشري تسمى الغدة الصنوبرية. ويشار في كثير من الأحيان إلى هذه الغدة باسم "مقر الروح"، وسوف تظل نائمة حتى يصل الروح معينة على مستوى الذبذبات / الروحية وربما كذلك تعبر عن " العين التي ترى كل شيء" و ربما هي المرسومة على الدولار الأمريكي اليوم. في البدء كان السمع و البصر. و ترجمة لرسم تحول لحرف ثم كلمة ثم علم و فن يظللهما فكر.
      كيف نبدأ؟ لا بل كيف نبدأ من جديد؟ و هل تختلف البدايات في الكون. البداية الأولى هي نواة كل بداية. صنع المصريون هوية منذ آلاف السنين و صنع الأشوريون و الأكد و الفينيقون و الصينيون و اليابانيون هوية فردية تحولت مع الزمن لحضارات و اليوم تترجم لتقدم و ازدهار. لا أسرف في الحلم حين أقول أن البدايات نسخت و نجحت في بقية العالم. و تخلف عن هؤلاء من نسى كيف بدأ الأولون...أو تناسى أو انسلخ عن تاريخه.
      الهوية المصرية لم و لن تضيع، الهوية المصرية في مكان و أهلوها في مكان أخر. يخطئ من يعتقد أن العودة بكتب التاريخ و قراءتها بل و حفظها حتى قد يساعد في عودة أهل الهوية لأرضها الخصبة. نحن الآن في أقصى النهايات و أكثرها وحشة و غربة. فهل هذه أول مرة ؟ كل عصر ذهبي من عصور مصر القديمة أو أي بلد أخر ينتهي بعصر اضمحلال طويل يمتد دهرا. ثم تنبت الوردة من الصخرة و تفرز القاذورات و القبح شيئا مختلفا يعود بالمنحنى لأعلى. إن العودة للبداية الأولى عودة حتمية في تاريخ الشعوب.
      لا أتحدث عن الرفاهية حين أقول أن العين تحتاج لتعلم البصر أولا. تحتاج أن تنظر بعناية لما يستحق النظر في مكان أخر حتى تدرك هول ما استحسنته على مدار الزمن و كم هو قصي عن مقاييس الجمال الطبيعي و الفطري و الذي يعود إليه كل العالم الآن بعد ادراكه هول ما دمره في ذاكرة البشرية.
      إن المصري القديم عندما بدأ في البناء بالحجر لم يجد أجمل من كوخه القديم المزين بأعواد البردي و اللوتس و جريد النخيل تغطي سقفه كي يبنى المعابد و البيوت على هيئته الأولى. و العمارة البيئية الحديثة و غير الحديثة لا تأخذ سوى من جمال الطبيعة لتصنع جمالا أخاذا. كل ما هو حديث قديم في داخله. و لنا في فن الثورة الفرنسية أسوة حسنة. لا أحتاج للاسهاب عما أدى لقيام الثورة الفرنسية أو عن حالة أوروبا وقت قيامها أو عن عدد الثورات التي تلتها حتى تصل فرنسا لما هي عليه الآن كي ننظر لها في حسرة على بلدنا. ولكن علينا أن نعي ما صاحبها من علم وفكر وأدب وفن. أنشأ جاك لويس دافيد مدرسة فنية تعتمد الكلاسيكية الرومانية في معايير الجمال الفني. لم يكن هناك حل سوى العودة للجذور و غرسها من جديد في أرواح الشعوب. ثم اتخذها نابليون دعاية لغزواته حول العالم. فانبرى الفنانون في رسم حروبه...بعد أن أمضوا وقتا ليس قصيرا في تصوير الأساطير الرومانية و الحروب و خلافه. و من هذه المدرسة للمدرسة الرومانسية و ما تلاها صاحب كل ذلك علما و فكرا أدى للثورة الصناعية. فإن كان الفن مرآة الشعوب أي يتأثر بها و يؤثر فيها في العصر الحديث. فلقد كان الفن ترجمة لكل ذلك في العصور القديمة. الصورة التشكيلية هي التي شكلت الحرف المرسوم فكونت لغة ثم اللغة عبرت عن الفكر و العلم و دونته.
      لا يمكن أن تصح البداية بالاستنساخ بل بالإضافة لما نحتاجه و يعبر عنا و حذف ما لا يمت لنا بصلة. والآن ...كل شيء لا يمت لنا بصلة. لأن نبعه خارجنا و خارج أرضنا و خارج طبيعتنا. الفكر و الملبس و المأكل و من ثم الغناء و الأدب و لا يستمر إلا ما نفعله من آلاف السنين ...كطبق الفول بكل بساطة. كرسم النوبي على جدران البيوت. هل يمكن أن نغفل أن تطور الفنون و العلوم بدأ من قلب أرض الحضارات بعد حذف ما ينم عنا ؟ فالأصل صالح لكل مكان و زمان. وما يصلح لكل مكان و زمان هي القوانين الأولى ...قوانين البدايات التي تكررت مئات المرات في كل العالم.
      عندما نقول أنها تحولت لغابة أي صرنا حيوانات جميعا، وهذه مرحلة من مراحل البشرية تلتها بداية ما نحتاج للعودة إليها بعد أن وصلنا للخسران المبين. الطفل يرى و يسمع قبل أن يتكلم. و نحن نحتاج لتعلم جماليات الرؤية من جديد حتى تتحرر أعيننا من القبح و تصفى فتصفى الأذهان و تفكر في مخرج بمقاييس التاريخ البصري الذي نملك وننفصل عنه بكل تجاهل.

      Delete